تُسَائِلُنِي اللَّيَالِي مَنْ أَكُونُ | وَ مِنْ عَيْنَيَّ تَنْهَمِرُ الشُّجُونُ
|
فَأُخْبِرُهَا بِأنِّي رَهْنُ رِيمٍ | وَ أَنِّي لَا تُفَارِقُنِي الظُّنُونُ
|
وَ أَنِّي نَخْلَةٌ فِي الْقَفْرِ أَرْجُو | سَمَاءً هَلْ سَتُمْطِرُ أَوْ تَخُونُ
|
تَهُونُ مَصَائِبٌ ثَقُلَتْ وَ جَلَّتْ | وَ آلَامُ الْحَبِيبَةِ لَا تَهُونُ
|
إِذَا الرَّجُلُ اللَّجُوجُ غَوَتْهُ أُنْثَى | بِلَا الْأُنْثَى الرُّجُولَةُ لَا تَكُونُ
|
وَ إِنْ يَتَفَرَّقِ الْحِبَّانِ قَهْرًا | سَيَجْمَعْ قَدْرَ بَيْنِهِمَا الْجُنُونُ
|
لَعَمْرِي مَا غَدَوْتُ لَهَا نَسِيًّا | غَفَتْ مِنِّي جَوَارِحُ أَوْ جُفُونُ
|
أَلِفْتُ عُيُونَهَا وَ عَشِقْتُ فَاهَا | وَ مَا أنَا بِالصَّبُورِ إِذَا تَبِينُ
|
فَطَلْعَتُهَا ابْتِسَامٌ مِثْلُ شَمْسٍ | وَ بَسْمَتُهَا ضِيَاءٌ مُسْتَبِينُ
|
وَ مَا زَالَتْ يُجَرِّحُنِي هَوَاهَا | وَ يَضْرِبُنِي الْهُيَامُ وَ لَا يَلِينُ
|
عَشِقْتُهَا مُنْذُ أَنْ كُنَّا صِغَارًا | وَ عِشْقُ الطِّفْلِ مَلْهَاةٌ وَ لِينُ
|
فَكَمْ عَبَثًا عَثَرْنَا فِي حُقُولٍ | وَ أَرْدَتْنَا عَلَى الْأَرْضِ الْغُصُونُ
|
وَ كَمْ زَهَرٍ قَطَفْنَا فِي أَوَانٍ | فَلَسَّعَ جِلْدَنَا نَحْلٌ طَنِينُ
|
وَ كَمْ ضَرَبَتْ جَمَاجِمَنَا شُمُوسٌ | وَ رَعَّبَنَا ظَلَامٌ مُسْتَكِينُ
|
وَ كَمْ نَادَى عَلَيْنَا وَالِدَانَا | أَبَى تَفْرِيقَنَا الْوَقْتُ الثَّمِينُ
|
وَ كَمْ فَوْقَ الْقَنَاطِرِ قَدْ وَقَفْنَا | وَ تَحْتُ يُسَافِرُ الْمَاءُ الْمَعِينُ
|
نُرَاقِبُ أَجْمَلَ الْعَرَبَاتِ تَمْضِي | فَهَذِهِ لِي وَ تِلْكَ لَهَا رُهُونُ
|
ذَهَبْنَا لِلْمَدَارِسِ ثُمَّ عُدْنَا | مَعًا جَذَبَ الْيَسَارُ أَوِ الْيَمِينُ
|
جَرَيْنَا فِي الدُّيُومِ بِلَا ثِيَابٍ | حُفَاةً خَلْفَ أَسْرَابِ السُّنُونُو
|
وَدِدْنَا لَوْ تَدَحْرَجْنَا كِلَانَا | عَلَى قُزَحٍ لِتَنْظُرَنَا الْعُيُونُ
|
كَتَبْنَا فِي حِيَاطٍ أَوْ رَسَمْنَا | وَ خَرْبَشْنَا؛ أَنَا وَ هِيَ الْفُنُونُ
|
لَعِبْنَا لُعْبَةَ الْأَزْوَاجِ نَبْنِي | مَنَازِلَنَا لِكَمْ وَلَدٍ نَصُونُ
|
فَأَخْرُجُ لِلتَّسَوُّقِ ثُمَّ آتِي | فَتَفْرَحُ رَبَّةُ الْبَيْتِ الْحَنُونُ
|
وَ أَرْجِعُ لِلْبَرَاءَةِ كُلَّ يَوْمٍ | وَ يَأخُذُنِي لِعَيْنَيْهَا الْحَنِينُ
|
لَقَدْ كُنَّا سُوًى أَبْنَاءَ سِتٍّ | وَ صِرْنَا الْآنَ قَدْ جَعُدَ الْجَبِينُ
|
بَنَيْتُ أَنَا بِمَنْ كُتِبَتْ نَصِيبِي | وَ بِنْتُ الْعَمِّ فَازَ بِهَا أَمِينُ
|
هُمَا عَقْدَانِ مُنْذُ أَنِ افْتَرَقْنَا | إِذَا سُعِدَتْ سَعَادَتُنَا تَكُونُ
|
يَظَلُّ لَهَا بِأَعْمَاقِي حُضُورٌ | إِلَى أَنْ يَسْلِبَ الرُّوحَ الْمَنُونُ
|
هَوَى الصِّبْيَانِ وَشْمٌ فِي قُلُوبٍ | جَمِيلٌ مَا لَهُ أَبَدًا قَرِينُ
|
وَ إِنَّ هَوَى الْقُرَى لَأَشَدُّ صِدْقًا | وَ أَكْثَرُ عِفَّةً، مَتْنٌ مَكِيُنُ |